Tuesday, December 2, 2014

التكافل الاجتماعي في الديانات السماوية

مفهوم التكافل الاجتماعي 

التكافل الاجتماعي هو الوجه الاخر للعدالة الاجتماعية فالتكافل الاجتماعي و العدالة الاجتماعيه كلاهما يكمل الاخر وذلك للمحافظة   
على اتزان المجتمع و استقراره ويعني التكافل الاجتماعي ان يتكفل المجتمع بشئون كل فرد فيه من كل ناحية من النواحية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الصحية وقد دعت جميع الديانات السماوية الانسان الى التضامن مع اخيه و ترسيخ مبدأ التكافل الاجتماعي في المجتمع الانساني و جائت بعد ذلك الشرائع الوضعية التي تسير هذا المبدأ السامي ففرضت الضرائئب على الافراد في سبيل المصلحة العامة و فرضت كذلك العقوبات على الخارجين عن القانون وذلك من اجل تحقيق السلام الاجتماعي  واعتبرت الديانات السماوية ان الفرد عليه واجبات نحو المجتمع كما له حقوقا عند المجتمع 
 فقد جائت الديانات السماوية جميعها تدعو الى الاخاء و التعاون والمساواة والرحمة بين البشر فهي تنادي بإحترام الانسان لأخيه الانسان و لكرامته و جاءت تنظيم العلاقات بين الافراد ليسود الاستقرار النفسي و الاجتماعي كما جاءت مبادئ التكافل و التضامن الاجتماعي و اعتبرات الاديان السماوية المعاملة بالمعروف و الابتعاد عن المنكرات تجاه البشر تقرباً الى الله كما بينت الاديان السماوية مظاهر الرعاية و التكافل التى تدعو الى الروابط الانسانية وسأتحدث عن مظاهر التكافل الاجتماعي بين كل الاديان حسب ظهورها بالترتيب من اليهودية والمسيحية و الاسلام  الذى اتى بخاتم الديانات جميعاً  


التكافل الاجتماعية فى الديانة اليهودية
تعتبر الشريعة اليهودية من اقدم الشرائع و الديانات السماوية التي عرفت اليهود مبادئ 
العدل و المساواة بفضل وصايا موسى العشرو بفضل التعاليم الدينية التى تحدد واجباتهم نحو الله و الناس عرف اليهود الاحسان الحقيقي فكانوا يتصدقون يوميا بالطعام
 وفي كل يوم جمعه كان رب العائلة يتنازل عن عشر محصوله للرهبان والاغراب 
واليتامى والارامل و الفقراء واهتمت  الشريعة الموسوية بتنظيم العدالة الاجتماعية 
واعتبرت ذلك جزء من العمل المقدس وتضمنت الشريعه اليهودية العديد من الوان 
الرعاية الاجتماعية التي قامت على ثلاث دعائم قوية و هي الحق و العدل و المساواة 
وتتمثل اوجه الرعاية الاجتماعية في الديانة اليهودية على رعاية الفقراء والمحتاجين و 
تعتبر ذلك واجب الاغنياء نحو الفقراء و المحتاجين ورعاية اليتامى والارامل حيث 
يقوم عشورهم بالانفاق على الفقراء و المساكين وكانوا يمارسون نظام الشورى باعتبار 
ان سيدنا موسى عليه السلام لم ينفرد بحكم بني اسرائيل وحده و توجيه سياستهم بل 
كان يعمل بنظام الشورى واهتم اليهود بالتعاليم حيث المدارس ووضعت اسس و قواعد 
للتعليم وكان المعلم يتمتع بمركز ممتاز بالاضافة الى الرعاية العمالية والذي فيه ينظم العلاقة بين العامل و صاحب العمل  
التكافل الاجتماعية فى الديانة المسيحية :
جائت الديانة المسيحية مكملة للديانة اليهودية و استمرارا لها في اتجاهاتها نحو 
الاحسان و رعاية المحتاجين وتنظيم العلاقات بين البشر و بعضهم البعض واهتمت 
المسيحية بالايتام و الارامل واعترفت بنظم اجتماعية كالتبني لليتامى و المساكين و 
انشاء بيوت المحبة (الملاجئ) ورعاية الغرباء و كان من ضمن اهتمامتها التعليم 
كوسيلة لنشر الدين ورعاية المرضى والمعاقين بنظام القضاء بالصدقات و كانت 
الاديرة و الكنائس وكانت الاديرة المسيحية هي التي تقدم عن طريقها تلك الالوان 
المختلفة من وسائل الرعاية الاجتماعية و التكافل الاجتماعي بالاضافة الى نشاط 
الجماعات الدينية المختلفة التي تقوم بمساعدة الفقراء والمحتاجين بصورة مساعدات 
مالية او تقديم الطعام و الملبس و المأوى لمن هم في حاجة الى ذلك 
مفهوم التكافل الاجتماعي في الاسلام 

فإن مفهوم التكافل الاجتماعي في الاسلام يختلف عن مفهومه في الديانات الاخرى فحينمما يتحدث علماء الاجتماع عن مفهوم التكافل فهم يقصدون به التكافل المادي الذي يربط بين افراد المجتمع وهذا ليس به خطأ لكنه لا يعبر عن مفهوم التكافل تعبيرا كاملا ولكن عندما تكلم الاسلام  عن مفهوم التكافل الاجتماعي فهو يقصد به التكافل في جميع المجالات المادية و المعنوية فالتكافل الاجتماعي فريضة على كل مسلم في حدود طاقته و يلتزم بادائها كسائر الفرائض وذلك ان التكافل يقوم في الاسلام على مبدأ الاخوة و الترابط بين المسلمين فهي في حدود الحاجات الملحة فلا يجوز لهم ان يتركوا اخوانهم في حاجة او نقص فالرعاية الاجتماعية  والتكافل الاجتماعي فى الإسلام إذن تقوم على 
أساس تلقائى منظم  وفيما يلى عرض لأهم مظاهر الرعاية الاجتماعية فى الإسلام :
أولاً التعايش السلمى :
يهدف الإسلام إلى توفير الطمأنينة النفسية للمجتمع العالمى عن طريق إزالة أسباب

 الشقاق والتنازع بين المجتمعات والشعوب وتكاتفها ’ لدعم السلام بينها , كما شرع الله

 الحج لمن أستطاع إليه سبيلة من وسائل التعايش السلمي بين الأمم والشعوب الإسلامية 
قال تعالى ( وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى ضامر يأتين من كل فج عميق 

ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على مارزقهم من بهيمة الأنعام 

فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير )"سورة الحج الآيتان 25-26 .
ثانيا – نظام الحكم فى الشريعة الإسلامية :
جاء الإسلام بمبدأ الشورى الذى يقصد به العرف على حاجات الشعب ومواجهتها 
وصياغة مايراه الأفراد من أمور دينهم ودنياهم فى القالب الذى يلائم الحياة الاجتماعية  
قال تعالى " والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم 
ينفقون " سورة الشورى , الاية35 .
 ثالثا – النفقة فى الإسلام لتحقيق التكافل الاجتماعى :
وهى تنقسم إلى عدة أنواع والمتمثلة فى الآتى :
1-  نفقة الحضانة :أى دفع النفقة لمن تحتضن طفلاً لرب الأسرة وجعل مسؤولية
 نفقتة على كاهل والده .
2- نفقة الصغار : وهى تستحق على والدهم إذا كان قادراً ولا تستحق على 
والدتهم ولو كانت من الأثرياء .
3- نفقة الوالدين والأقارب : وهى النفقة التي يستحقها الوالدان أو الأقارب عند 
عجزهم عن العمل لكبرهما , فقال تعالى :"وقضى ربك ألاتعبدوا إلا أياه وبالوالدين 
إحساناًإما يبلغن عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما 
قولاً كريماً وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربِ ارحمهما كما ربياني 
صغيراً". سورة الإسراء , الآية 23-24 .
4- رعاية الأيتام : لقد حفظ القران الكريم حقوق الأيتام , ووضع شروطاً 

لرعايتهم, والمحافظة على أموالهم , وحدد مواقيت تسليمها إليهم , والطريق الذى 

يحافظ عليها , حيث قال الله تعالى فى ذلك : " ولاتقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي 

أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لاتكلف نفسا ً إلا وسعها وإذا 

قلتم فاعدلوا ولوكان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون 

.سورة الأنعام  الآية 153.
5-  الإحسان : وهو جزء من العبادات , ومن أركان الإسلام يتمثل فى الزكاة وهى 
واجبة الأداء , وفى الصدقات وهى اختيارية يؤديها الإنسان , ليطهر نفسه ويكفر 
عن ذنوبه . قال تعالى : " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم " ,سورة ا لأنعام 
الآيه 153 , وفى آيه أخرى " وأقيموا الصلاة وآتوالزكاة"
سورة التوبة , الآيه 104.
6- التعليم : كان المسجد فى الإسلام هو المؤسسة الاجتماعية والثقافية والدينية 
ولقد كرم الله – تعالى – العلماء وألزم من يحفظ فى صدره علما بأن يعلم غيره  
وكان الأسرى فى الحروب الإسلامية يقومون بتعليم المسلمين مقابل تسريحهم 
والإفراج عنهم  كما عنى الدين الإسلامى بفتح المدارس وتعليم الفقراء والأيتام 
وعنى بالمكتبات .
7-الرعاية الطبية : وتشمل توفير العلاج ونفقات الأغدية والأغطية والأثاث 
ومايلزم المريض وأسرته خلال فترة المرض مع التكفل بكل المستلزمات  ,وإذا 
توفي المريض يرعى أسرته من قبل بيت المال .
8- الوقف الخيرى : وهو حبس جزء من الملك عن التصرف فيه بالبيع  أو الهبة  
أو الوراثة ويستغل الإيراد على الصرف فى أحد أوجه البرو الخير كالإنفاق على 
الفقراء والمساكين والشيوخ والعجزة أو الأيتام أو الأرامل وعلى المستشفيات أو 
المدارس التى تحفظ القرآن وتعلم النشء .
9- الأمومة والطفولة :لقد حرم الإسلام الإجهاض وخص الأم بحضانة الطفل , 

وعلى الوالد أن يتكفل بحضانة أبنه مالياً فى غير منزله فى حالة طلاق أمة .
قال تعالى : " ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم 
ولاتقربواالفواحش ما ظهر منها وما بطن ولاتقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق 
ذلكم وصاكم به لعلمك تعقلون ".سورة الأنعام الآية 152 .
وقد سارت الدولة الإسلامية بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على النهج الذى 
وضعه  فقد استمر أبوبكر الصديق فى تنفيذ التكافل الاجتماعي وفى عهد أبي 
بكر شملت الرعاية الاجتماعية أهل البلاد المفتوحة من غير المسلمين فقد نصت 
معاهدة الصلح مع أهل الخير المسيحيين على أن بعض المسنين والمرضى 
والفقراء من دفع الجزية  بل وأنفق عليهم وعلى أولادهم من بيت مال المسلمين 
وقد أنشأ عمر الخطاب الدواوين المقيدة بها أسماء المشمولين بقوانين التكافل 
الاجتماعى  كما توسع فى تطبيق نظام التكافل الاجتماعى على غير المسلمين .








No comments:

Post a Comment